الأحد، 2 نوفمبر 2014

.. الثلاثينة... الثلاثينية...

الأيام قوافل بعضها في أثر بعض، أحمالها ملأى، بالمحزنات والمفرحات، والمؤلمات والمبرئات، فحين يقع القدر فلا مفر منه، ولا محيص عنه لو تعددت لنا الدروب، أو حتى توفرت فرص الهروب. ها هي الدنيا تعذب محبيها، وتؤانس مبغضيها، فما رأيت أشقى ممن كان يبتغيها، وفي كل أحواله بالزيادة يرتضيها، وفي كل صحوة وغفوة يرتجيها. تجولنا برحلنا في جنبات هذا العمر القصير، ورضينا باليسير، وجاهدنا العسير، نشاغب أمرا وندحض بعد الله أمرا، ونسعى بكل ما أوتينا لنال من حلاوة الحياة ما استطعنا، لكننا لن نقيل، ولن نستريح، فلنا في غابات السعي فحيح، وأهداف لا تقبل التلميح، هكذا هو ابن آدم صريح في مناله صريح. ما ذقت ألذ من العبادة، وما رأيت أبغض من الإلحاح عادة، ولا أخطر من الطمع في الدنيا وطلب الزيادة، ولا أقبح من العجز والبلادة. دخلت مع الناس، وغزلت قضايا الحياة مع الجلاس، وجالست، وسامرت، وعاتبت، وعوتبت، وكاتبت، وكوتبت، أشكال، وأزوال، منهم من عشرته كالماء الزلال، ومنهم من عشرته كالسم القتال. ما ناض في سماء الحياة برق.. إلا قلت: الله أكبر ما اعجب الخلق!.. منهم من هو الآن سيد قومه وقد كان بالأمس في قبضة الرق.. إنني والله أشاهد الفرق.. الله أكبر ما أعجب الخلق!.. علمت أن العفو من الله باب مفتوح، والخبر عنه في القرآن الكريم مشروح، فما بالنا نندب ما مضى وننوح.؟!.. الأخلاق قنديل يبدد وحشة سوء المعشر، فالعيش بغير الأخلاق إفلاس وشتات، وأيام مكدرة الأوقات، بفضل الرب يطهرنا الصيام، ويوسع رزقنا وصل الأرحام، وينقينا بر الوالدين قبل أن نسقى من الموت كأس مدام. حذار من الظلم، فكم أهلك أصحابه، وأعمى أربابه، لأن دعوة المظلوم سهام ليل قد فتح الله لها بابه. نحمد الله على صحة الأبدان، وبسطة الأمن في الأوطان، فالحياة ملونة الأحوال لا دوام لها على حال، وشيمة دهرنا دائما ميال، ما ابتسمت لأحد إلا أشقته قبل أن يهنأ بابتسامتها، وما أذاقت أحدا من حلوها إلا أطعمته في النهاية من مرارتها. إلى متى ونحن ندنس حياتنا بحزننا، ونهلك أنفسنا بهمنا وغمنا، وإلى متى نعمق في شغاف قلوبنا أخاديد الحسرة على ما مضى من حوادث الدهر، وما غرق من سفائن العمر. وإلى متى يعصرنا حبل الحنين إلى المدبرات من ذكرياتنا، لنرمي كل هذا خلف ظهورنا، ولنقبل على حياتنا، ونأخذ بهدي حبيبنا، ولنترفق بأنفسنا، فلن يزيدنا التوجد على ما قد سلف إلا وجعا وحزنا وقلقا ، ولن نرث من تقليب صفحاته إلا ألما وأسى، فقد ربح من ترك ماضيه خلفه ونسي../

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق